(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) سورة يوسف
قصة سيدنا يوسف في القرآن إحدى القصص القرآنية والتي ذكرت أحداثها بالتفصيل.
كان والده يعقوب عليه السلام يحمل في قلبه مكانة خاصة لابنه يوسف عليه السلام وقد حظي على حب جعل من اخوته يحسدونه ويغارون منه.
في ليلة من الليالي أخبر يوسف أبيه يعقوب عن رؤية رآها في منامه وهي أنه رأى الشمس والقمر والكواكب الإحدى عشر فأمره أبوه بأن لا يخبر أحداً بهذا الحلم وخاصة إخوته.
ومع كل يوم يمضي يكبر حقد وكره إخوة يوسف له ورؤيتهم لتمييز أبيهم ليوسف وحبه له، فقرروا أن يتخلصوا منه ويبقى حب أبيهم لهم فقط.
بتشاورون بينهم على طريقة لقتله دون أن يضع أبيهم اللوم عليهم.
فقرروا أن يرمونه في بئر حتى يموت!
ذهبوا الأبناء إلى اللعب ويوسف معهم لكن بعد محاولات عديدة، ليجعلوا أبيهم يسمح لهم بأخذ يوسف فقد كان خائفًا من أن يأكله الذئاب وهم ساهون عن أمره .
ذهبوا إلى موقع البئر ورموه فيه وعادوا مع ضوء القمر ودموعهم كالمطر على وجوههم تمثيلًا ليصدق والدهم ما حدث وكان أحدهم ملطخًا بالدم قابضًا على قميص يوسف ويخبر أبيهم أن الذئب أكله. ولكن يعقوب أبى أن يصدقهم وقال لهم (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ) سورة يوسف
وبعد مرور سويعات على رمي أخيهم في البئر أتت قافلة ورموا بدلوهم في البئر وحين أخرجوه خرج لهم يوسف عليه السلام، فاستبشر الرجل وقال: (يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ).
وتظاهروا بأنه من البضاعه وأنه ملكهم، وعلموا اخوته بذلك فذهبوا لشرائه منهم وباعوه لرجل من مصر ولكن لم يعلموا أنه وزيرًا من مصر، وقال لزوجته: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ).
• تعليم قراءة القران الكريم للكبار
أيام الفرَج
كبر يوسف في بيت العزيز وزوجته وبعد أن بلغ عمره حاولت امرأة العزيز أن توقعه بالفاحشة، فراودته عن نفسه واستمرت بمحاولة فتنته، لكن يوسف تذكر فضل الله عليه ونجاته من الموت وكرم العزيز معه وقال لها : (مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
اتجه إلى الباب ليذهب بعيدًا عنهافشدت ثوبه وقطعته (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ). فتح الباب وفي وجهه العزيز فبكت واتهمت يوسف عليه السلام بأنه حاول أن يغويها.!
انتشر الخبر إلى نساء المدينة، فأعدت سفرة ودعتهن إليها لتبرر فعلتها تلك وحين جلسن أعطت كل واحدة منهن سكينًا حادة للأكل ثم طلبت من يوسف ان يخرج عليهن، وحين رأينه لم يصدقن اعينهن من جماله فجرحن ايديهن وقالوا أنه ملاك وليس بشر!. قال تعالى واصفًا ذلك(فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ). ووقفت واعتذرت وبينت لهن أن جماله هو سبب محاولة إغوائه. وحين رأى يوسف ذلك دعا الله تعالى قائلًا:( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ).
في سجن العزيز
قرر العزيز سجن يوسف عليه السلام مع علمه ببراءته بنية رد التهمة عن امرأة العزيز وتجنبًا لمحاولة فتنته مرة أخرى.
التقى يوسف في السجن برجال وجميعهم جزموا بأنه رجول صالح، صادق الحديث، أمين ومحسن، وكثير العبادة، دخل شابان السجن منهم من كان ساقي الملك، والثاني خباز الملك، وجميعهم حلموا بحلم وقصوه على يوسف عليه السلام، واستغل يوسف عليه السلام فرصة ماتاه الله من علم التفسير ، ليدعو الى الله، فذكرهما بالله وبوحدانيته فقال لهم: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
وأخبرهم بعدها بتفسير منامهم الأول كان يعصر الخمر بيديه ويقدمه لسيده وكان تفسيرهأنه سيخرج من السجن. الآخر كان يحمل الخبز وتأكل الطيور من ذلك الخبز فوق رأسه فكان تفسيره، أنه سيصلب عقابًا له ويبقى بحاله الى ان تأكل الطيور رأسه.
ثم طلب يوسف ممن سيخرج أن يخبر الملك بأمره وأنه بريء، غير أنه لما خرج نسيَ أمر يوسف عليه السلام! فبقى في سجنه سنين أخرى.
وفي يومٍ من الأيام، رأى عزيز مصر في منامه بان هناك سبع بقرات هزيلات ضعيفات يأكلن سبع بقرات كبيرات سمان، ثم رأى سبع سنبلات خضر وأخرى مثلهن لكن يابسات، طلب من حاشيته تفسير حلمه، غير أنهم اعتذروا لجهلهم، لكن الفتى الذي فسر له يوسف عليه السلام حلمه، تذكر! فأخبرهم عنه قال -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ).
وفسر يوسف عليه السلام حلم العزيز واخبره: أنه ستمر سبع سنين فيهن رزق وبركة بسبب الخصب والأمطار، فنصحهم بأن يحفظوا من هذا الخير في سنبله ، حفاظًا عليه من الفساد للسنين السبع القادمة لأنه سيحل عليهم جدب وشدة وبعد السبع سيحل عليهم الغيث وتخصب الأرض ويعصر الناس مما يخرج من الأرض من زيت وعنب ونحوه.
حان وقت البراءة!
طلب الملك أن يأتوا بيوسف عليه السلام بعد ان فسر له رؤياه، رفض يوسف ذلك وأخبرهم أنه لن يخرج إلى أن تظهر براءته للناس ويعلموا أنه عفيف ولم يفعل شيئًا، فقال لرسول الملك : (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيدِهِنَّ عَلِيمٌ). وحين سألهن الملك اعترفن بأن يوسف كان بريئًآ واعترفت امرأة العزيز أنها حاولت تغويه، ولما ظهرت للملك براءة يوسف أمر بإخراجه من السجن فوافق يوسف عليه السلام وخرج.
طلب يوسف عليه السلام من الملك بأن يجعله وزيرًا للخزينة فقال : (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) فقبل الملك وأعطاه مفتاح الخزينة وهذا من رحمة الله وتمكينه ليوسف.
التقى يوسف بإخوته في سنين الجدب حين انتشر القحط واشتدت السنين على الناس، فخرج أهل فلسطين ومنهم إخوته الى مصر لعلهم يجدون مؤونة ويعودون بها الى أهلهم فدخلوا على يوسف لم يعرفوه لكنه تعرف عليهم، وطلب منهم أن يأتوا بأخيه بينامين، وإن امتنعوا عن ذلك، لن يعطيهم من المؤونه فعادوا الى أبيهم ليقنعوه وأخبروه بأن الوزير طلب جلب اخيهمـ ورفض بعد ما تذكر مافعلوه بيوسف! وبعد أن بدأوا بتفريغ أمتعتهم وجدوا أموالهم ومؤونتهم موجودة فأخبروا أباهم : ” بأخذنا لبينامين سيزيد من المؤن التي سنحصل عليها “فقبل بعد ذلك وقال لهم : (لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ).
لقاء الأخ بأخيه
دخلوا إخوة يوسف عليه ومعهم أخيه بينامين ، وأراد يوسف أن يبقى أخيه عنده فلفق عليه تهمة السرقة، ووضع كأس الملك في حقيبة بينامين، ولما هموا للرجوع، أتوا الجند ليفتشونهم وأخبروهم بأن من وُجد في حقيبته الكأس سيكون عبدًا للملك! وبدأ الجند في البحث ووجدوه فأبقاه يوسف عليه السلام عنده جزاء سرقته.
ورجع إخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بما حصل ولم يصدقهم وطلبوا منه أن يسأل القافلة أو القرية عن صدق كلامهم، فقال (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
وحزن حزنًا شديدًا وبكى حتى فقد بصره، ثم أمر أولاده، بأن يعودوا الى مصر ويبحثوا عن إخوانهم يوسف وبينامين و أوصاهم: أن لا ييأسوا من رحمة الله، فأطاعوه وخرجوا إلى مصر.
رجع إخوة يوسف إليه كما أمرهم دخلوا عليه قالوا (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).
• كيف احصل على اجازة في القران
لحظة اللقاء والفرَج الكبير
طلبوا منه أن يتصدق عليهم ويرحم ضعف أبيهم الذي فقد بصره جراء فراق أبنائه ، وحين علموا أنه أخاهم يوسف، طلبوا منه الاستغفار لهم فقال : (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). وبين لهم جهلهم وظلمهم لأنفسهم ثم أعطاهم قميصه وأمرهم أن يلقوه على وجه أبيهم ليعود له بصره ، وفعلوا ماطلب منهم يوسف عليه السلام وبعد أعطوا ابيهم القميص شم رائحة ابنه وأعاد الله إليه بصره وطلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم ففعل وخرجوا جميعهم ليلقوا يوسف وعندما دخل سارع إلى أبويه وأمّنهم من الخوف والقحط وجعلهم بجانبه على العرش وحمد الله تعالى على ما أنعمه عليه من الحرية والملك وبأن أصلح الله بينه وبين اخوته.
قال الله تعالى: “رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ” سورة يوسف 101
اترك تعليقاً